الوقت النوعي… كيف تقضي وقتًا مفيدًا وممتعًا مع أطفالك؟

بين عملك ومشاغلك، دعنا نتعرف سويًا إلى مفهوم الوقت النوعي وفوائده وكيفية استغلاله استغلالًا سليمًا.

أب يجلس مع طفلته على ضفاف نهر، ويستمتعان بقضاء الوقت النوعي معًا

Source: Reshot

يتكرر مصطلح «الوقت النوعي» دومًا في النقاشات التربوية، ويتردد على ألسنة التربويين المتخصصين؛ لأهميته وتأثيره الإيجابي على الأطفال وأسرهم؛ لكن هل تطبيق مفهوم الوقت النوعي وحده كافٍ لقضاء وقت مناسب ومفيد مع الطفل؟ وما الحد الأدنى للوقت النوعي الذي يجب أن أقضيه مع طفلي؟
نتعرض في هذا المقال لتعريف الوقت النوعي وأهميته وأفكار لتطبيقه، ثم نحاول الإجابة معًا عن سؤال المقال: هل يمكن الاعتماد على الوقت النوعي وحده؟ أم لطول الوقت المقضي مع الطفل تأثير آخر؟

 

تعريف الوقت النوعي

الوقت النوعي: هو الوقت الذي يقضيه أحد الوالدين أو كلاهما مع أطفالهما دون مشتتات خارجية قدر المُستطاع، ويُشعِران أطفالهما فيه بأهميتهم، ويصبان جل تركيزهما عليهم، ويتفاعلان معهم باللعب والحديث وما شابه. وقد ظهر هذا المفهوم للتفريق بينه وبين مفهوم الوقت الكميِّ، أو سعي الآباء لقضاء أطول وقت ممكن مع أطفالهم دون تركيز معهم، كأن يجلس الأب مع أطفاله لساعات وهو يشاهد التلفاز، أو بقاء الأم مع أطفالها وهي منهمكة في الكتابة على هاتفها المحمول، دون اكتراث بما يقوله أطفالها وما يفعلون.

 

أهمية الوقت النوعي

يعود قضاء وقت مع الأطفال بنتائج إيجابية جمَّة قد لا يسعنا حصرها، لكن يمكننا تلخيص أهم فوائد قضاء وقت نوعي مع الأطفال في النقاط التالية:
  • تعزيز نمو الطفل العقلي: يحتاج الطفل في جميع مراحل نموه إلى التعلم واكتساب الخبرات، والعلاقات السليمة في عمره المبكر، وهو أفضل سبيل لذلك؛ لذا فإن قضاء وقت مفيد وممتع معه يُكسبه العديد من الخبرات والمهارات بصورة مباشرة وغير مباشرة.
  • تأسيس جسر للتواصل: قد ينشغل الآباء بما لديهم من مسؤوليات لمدة، ويظهر تأثير انشغالهم على سلوك أطفالهم؛ حينها، يجب على الوالدين العودة لقضاء وقت نوعي مع أطفالهم كلما أمكن، ومع تكرار هذه العادة، يجد الأطفال لغة تواصل مع آبائهم، ويستطيع الآباء توجيههم بصورة أسهل.
  • تقوية ثقة الطفل بنفسه: ترتفع ثقة الطفل بنفسه كلما وجد من يستمع إليه ويتفهم احتياجاته ومتطلباته، ويصبح لديه شخصية قوية معتدلة تسمح له باتخاذ القرارات والتواصل بثقة مع العالم من حوله.
  • ترسيخ القيم: يجد الوالدان اللذان يقضيان مع أطفالهما وقتًا نوعيًا أطول فرصًا أكبر لترسيخ القيم عندهم، ويكتشفان مع الوقت وسائل ولغات أكثر يعززان بها القيم لديهم.

 

كيف تقضي وقتًا نوعيًا مع طفلك؟

  • أغلق التلفاز فورًا: للاستفادة من الوقت النوعي الذي تقضيه مع طفلك، ابتعد عن المُشتتات تمامًا، فأغلق التلفاز والهاتف وكل ما قد يشغلك عنه، ويجب أن تُشعِر طفلك بأهميته وأهمية الوقت الذي تقضيانه سويًا.
  • استغل كل لحظة: لا يجب أن تُحدِد موعدًا كي تقضي وقتًا مع طفلك، لكن فقط استغل الأوقات التي تسنح بذلك؛ ويمكنك استغلال وقت توصيله للمدرسة للتحدث معه والاستماع إليه؛ قد تُشتِتُك القيادة قليلًا عنه، لكنك ستظل مستمعًا ومتجاوبًا معه أكثر من استخدامك لأي جهاز إلكتروني.
  • الطعام: عادة يومية متكررة، لِمَ لا تستغلها استغلالًا إيجابيًا؟ احرص على تناول الطعام مع أسرتك وشراء مستلزماته معهم، بل وحاول أن تطبخ وجبة مع أطفالك وتشركهم في طهيها، وستتخلل كل ذلك أحاديث نافعة بينك وبينهم.
  • دائمًا أفكر بكم: قد تُضطر للعمل حتى وقت متأخر، أو تنشغل فلا تتمكن من قضاء وقت مع أطفالك؛ عندئذ، أخبِرهم أنك تفكر بهم دومًا، واحرص على إرسال رسائل صغيرة لهم في علب طعامهم أو على سبورة في المنزل أو غيرهما، تخبرهم فيها بأنك تحبهم وتسعى لتوفير وقت أكبر لهم.

 

ما مدة الوقت النوعي التي يجب أن أقضيها مع أطفالي كل أسبوع؟

لا توجد إجابة ثابتة لهذا السؤال وأشباهه مما ذُكِروا في بداية المقال، لكن دعونا لا ننسَ أن الأصل هو أن تقضي أطول وقت ممكن مع أطفالك، وأن يتخلل ذلك الوقت فترات من الوقت النوعي، يختلف عدد تكرارها وطولها بحسب اختلاف الظروف والمواقف.
لكن في الوقت الحالي، ومع كثرة مشاغل الآباء ومسؤولياتهم، أضحت المعرفة بمفهوم الوقت النوعي والسعي لتطبيقه حاجة مُلِّحة للجميع، ودون التذكير به ربما ينسى الآباء قضاء وقت مع أطفالهم، حتى وإن كان وقتًا غير نوعي.
وأخيرًا، يمكننا تلخيص الأمر في أن قضاء وقت نوعي قصير مع طفلك أنفع له من وقت طويل لا تتفاعل معه فيه؛ وعلى الآباء السعي لقضاء أكبر وقت ممكن مع أطفالهم، واتباع وسائل الاستفادة من الوقت النوعي وتطبيقه خلال أوقاتهم معًا، لما في ذلك من آثار إيجابية على الطفل وشخصيته، بل على الأسرة والمجتمع بأسره.
إذا حاز محتوى المقال على إعجابك، يمكنك متابعة حسابات تطبيق جيل على مواقع التواصل الاجتماعي والتواصل معنا عبرها، للمزيد من المعلومات والفوائد التربوية.

المراجع

Comments (2)

مقال رائع،
هذا الوقت الذي يقضية الأهل مع أبناءهم يخرج أبناء أسوياء واثقين في أنفسهم مُحصنين في مجتمع مُهتز في ثقته عاماً.

مقال رائع. جزاكم الله خيرا

Leave a comment