العدوان عند الأطفال – المشاكل السلوكية

تعريف بمشكلة العدوان عند الأطفال وأسبابها وأساليب التعامل معها.

طفل غاضب يوجه لكمة للأمام، فهل تظهر عليه علامات العدوان عند الأطفال؟

Source: pixabay.com

«تصلني من مدرسة طفلي شكاوى عديدة، تتلخص كلها في أنه عدواني تجاه زملائه في الصف، وعندما أسأله عن تصرفاته يجيبني أن زميلًا له تعمد استفزازه، أو آخر بدأ معه الشِّجار؛ أُكثِرُ من لومه لأنني لا أريده عدوانيًّا، رغم أنني أرى بعض عدوانيته ليست إلَّا رد فعل أو دفاع عن نفسه».
يصف الاقتباس السابق حال أمهات وآباء كثر تظهر على أطفالهم سلوكات عدوانية، ويقفون حيارى بين كيفية تقويم سلوك أطفالهم، وبين ضغوطات الآخرين عليهم وشكواهم من سلوكهم؛ ونحاول في هذا المقال تبسيط واحد من أشهر المشكلات السلوكية وأكثرها تعقيدًا، ألا وهو سلوك العدوان.

ما العدوان؟

العدوان هو أي فعل يتعمد الطفل به إيذاء شخص أو حيوان، أو إتلاف شيء بعينه، ويُفرِّق بعض المختصين بين العدوان والعدوانية؛ حيث يعدون العدوان أنه الهجوم، أما العدوانية فهي محرك ذلك الهجوم، كالحقد أو الغضب أو غيرهما.
والعدوان سلوك لا يقتصر على الأطفال فقط، بل لا يُعد سلوكًا سلبيًّا في كل الأحيان؛ فإذا كان العدوان سلوكًا يدفع به الإنسان عن نفسه المخاطر ويحافظ على حياته، فهو سلوك سويٌّ؛ أمَّا إذا كان مستخدمًا لإيذاء النفس والغير، فهو عدوان مذموم وغير سويِّ؛ لذا قد يبدو الأمر محيرًا للآباء إذا برر أطفالهم عدوانيتهم بأنها رد فعل لا أكثر، حينها يتحتم على الوالدين الاطلاع على أسباب العدوان عند الأطفال ومظاهره؛ لمعالجة الأسباب إن وجدت، والسعي لتنشئة أطفال أسوياء غير عدوانيين.

ما أنواع العدوان عند الأطفال؟

  • عدوان جسدي: وهو الذي يعتدي فيه الطفل على طفل أو شخص آخر بالضرب أو الركل أو العض أو غيرهم بغرض الإيذاء.
  • عدوان لفظي: ويتمثل في توجيه الطفل أوصافًا وشتائم لغيره بغرض الإهانة.
  • عدوان رمزي: وهو العدوان الذي لا يستخدم فيه الطفل يديه أو لسانه، بل يعتمد على إيماءات أو مواقف أو إشارات، كأن يرفض مصافحة أحد أو مجالسته أو محادثته، أو ينظر إليه بازدراء، أو غير ذلك، وغالبًا ما يكتسب الطفل هذه الأساليب من أسرته.
  • التخريب: يتلخص سلوك العدوان عند بعض الأطفال في تخريب الأشياء وتكسيرها، بل وإيذاء نفسه أو الحيوانات في بعض الأحيان.

ما أسباب العدوان عند الأطفال؟

  • المنزل: يعتمد الأطفال في سنواتهم الأولى على تقليد من حولهم؛ فإذا كان منزلهم مليئًا بالمشاحنات، ويعتدي فيه الوالدان على بعضهما والإخوة فيما بينهم؛ فلا شك أن سلوك الطفل سيكون عدوانيًّا مثلهم.
  • العنف واللوم: إذا تعامل الأبوان مع طفليهما بعنف مستمر، ولوم شديد، وتسلط ملحوظ؛ فلا شك أن لكل ذلك أثرًا بالغًا على إشعال العدوانية بداخله.
  • لفت الانتباه: قد يعاني الطفل من شعور داخلي بالنقص، بسبب ضعفه الدراسي أو أوصاف الآخرين وتنمرهم، فيسعى بالعدوان إلى لفت الأنظار إليه.
  • إهمال السلوك العدواني: يتعامل بعض الآباء مع سلوك أطفالهم العدواني بسلبية؛ فيهملونه ولا يتصرفون تجاهه تصرفًا إيجابيًّا، فيستمر الطفل في سلوكه العدواني.
  • تشجيع العدوان عند الأطفال: يشجع آباءٌ أطفالهم على الاستمرار في السلوك العدواني، ظنًّا منهم أن في هذا التشجيع تدليلًا لهم؛ وقد يزداد الأمر سوءًا عندما يحث الأبوان طفلهما على الاعتداء على الغير بحجة الشجاعة والرجولة ورد الحق، وغيرها من المفاهيم غير السليمة في هذا السياق.
  • غياب الحرية: يحتاج الطفل إلى التعبير عن ذاته بحرية تامة، فإذا قَيَّض الوالدان مساحة التعبير لديه، أو تنمر الآخرون على طريقة تعبيره أو كلامه مثلًا، فقد يختار العنف والتخريب وسيلةً للتعبير عن نفسه.

كيف أتعامل مع السلوك العدواني لطفلي؟

تظهر علامات السلوك العدواني على الطفل في عمر الثالثة، ثم تبدأ بالتلاشي مع نموه وسيطرته على نفسه في أواخر مرحلة الطفولة المتوسطة، وإذا استمرت مظاهر هذا السلوك بالظهور على الطفل بعد بلوغه العاشرة، فيجب حينها استشارة المختصين كيلا يتأصل هذا السلوك كصفة تلازمه طوال عمره.
وعليه، يمكن التعامل مع سلوك العدوان عند الأطفال في مرحلتي الطفولة المبكرة والمتوسطة باتباع النصائح التالية:
  • كل شيء يبدأ من المنزل: اسعَ لتكوين بيئة آمنة وهادئة لطفلك، تُشعره فيها بالحنان وتلبي رغباته واحتياجاته، دون تدليل مُفرِط أو حزم زائد، بل وازن بين الأمرين؛ وليبذل الأبوان ما بوسعهما لتجنب الخلافات والمشاحنات أمام أطفالهما؛ لما قد تتسبب فيه من سلوك عدواني لديهم.
  • راقب ما يشاهده: تحدثنا في سلسلة مقالات «طفلي والتقنية» عن الوسائل التقنية وأثرها على الأطفال وسبل التعامل معها بأسلوب مناسب، وبالطبع فإن للمحتوى غير الملائم أثارًا ملحوظة على سلوك الأطفال العدواني؛ وننصحكم هنا بالاعتماد على تطبيق جيل، لما يوفره من محتوًى تربوي آمن ومفيد؛ يغرس في الطفل القيم السليمة، ويقيه شرور المحتوى غير المناسب.
  • حفز طفلك: يمكنك إبعاد طفلك عن السلوك العدواني عبر تحفيزه للقيام بسلوك إيجابي، كأن تقدم له مكافأة إذا لعب لمدة محددة دون صراخ أو عدوان على غيره، أو أن تعده بنزهة يحبها إذا لم تشتكِ منه مُدرِّسته، وهكذا.
  • لا مانع من بعض التجاهل: إذا كان سلوك الطفل العدواني نابعًا من رغبته في لفت الأنظار، فإن التجاهل قد يُؤتي معه بثماره، مع التأكيد على مواساة الطفل المُعتدى عليه والاهتمام به؛ ليدرك الطفل المُخطئ الميزة التي حصل عليها الطفل الآخر؛ ولا يعني ذلك تجاهل سلوك الطفل العدواني بالكلية أبدًا، بل هو أحد الوسائل التي يمكن بها التعامل مع السلوك العدواني.
  • علِّمه التعبير عن نفسه: درب طفلك على التعبير عن نفسه وأفكاره، وعلِّمه أن أفضل وسيلة للتواصل مع الغير هي الكلام المهذب الصريح؛ فقد يلجأ الطفل للعنف إذا لم يستطع إيصال مراده إلى غيره؛ وستساعدك الأوراق التربوية الخاصة بحكاية «لو سمحت» في تطبيق جيل على غرس قيمة «أدب الحديث» لدى طفلك.
  • اغرس به قيمة التسامح: اسرد لطفلك دومًا فوائد التسامح وقدره، وقصَّ عليه حكايات وقصصًا تساعده على تصور أهمية هذه القيمة في حياتنا، فيبعده ذلك عن رغبات الانتقام والميل للسلوكات العدوانية.
العدوان سلوك مُعقد في تكوينه وأسبابه ودوافعه لدى الصغار والكبار على حد سواء، ويتطلب من الأبوين حكمة كبيرة وصبرًا بالغًا للتعامل معه كما ينبغي، واستبداله بقيم وأساليب مناسبة، تنفع أبناءهم في طفولتهم وشبابهم.
إذا حاز محتوى المقال على إعجابك، يمكنك متابعة حسابات تطبيق جيل على مواقع التواصل الاجتماعي والتواصل معنا عبرها، للمزيد من المعلومات والفوائد التربوية.

المراجع

مشكلات الأطفال «تشخيص وعلاج لأهم عشر مشكلات» – أ.د. عبد الكريم بكار
مشكلات الأطفال السلوكية، الأسباب وطرق العلاج – وفيق صفوت مختار

Leave a comment