Source: Picspree.com
قد يتساهل آباء مع بعض السلوكات الخاطئة عند أطفالهم، وتجد بعضهم لا يُلقِ بالًا بكذب طفله أو عدوانيته أو حتى نشاطه الحركي الزائد، لكن إذا علم أحدهم أن صغيره قد أخذ شيئًا لا يحق له، يثور ويعاقبه بأساليب شديدة ومؤذية، فيغض الطرف عن دوافع ما يسميه سرقة، ويعاقب طفله عليه أيما عقاب.
ووراء هذا الأسلوب الأبوي العنيف سبب منطقي: نظرة المجتمع للسارق وصعوبة تسامحه معه، لكن هل أخذ الطفل ما لا يملك دون إذن هو سرقة حقًا؟
المحتويات
السرقة عند الأطفال
مفهوم السرقة عند الأطفال مختلف عنه لدى البالغين، فمثلها مثل الكذب، يختلف الحكم عليها باختلاف عمر الطفل ودوافعه؛ فإذا كان عمر الطفل 4 سنوات أو أقل، قد لا يدرك مفهوم الملكية أصلًا، وأخذه لممتلكات غيره لا يكون سوى حبٍّ لاستخدامها أو اقتنائها، لا رغبة في سرقتها بمفهوم البالغين، حينها ينبغي تنمية سلوك الأمانة لديه، وغرس مفهوم الملكية فيه.
وسنستعرض أهم دوافع السرقة عند الأطفال، وأساليب التعامل معها في هذا المقال.
دوافع السرقة عند الأطفال
-
الاحتياج: قد يذهب الطفل إلى مدرسته بطعام غير كافٍ؛ إما بسبب ضعف الإمكانات المادية لأسرته، أو ضعف قدرة والديه على تحديد احتياجه تحديدًا دقيقًا، فيلجأ الطفل لسرقة طعام زملائه أو أموالهم لسد احتياجه.
-
الخوف: يعاقب بعض الأهل أطفالهم بشدة إذا أضاعوا ممتلكاتهم أو ألعابهم في المدرسة، ويخشى الأطفال ذلك العقاب، فيسرقون ممتلكات غيرهم هروبًا من عقاب أهلهم إذا عادوا إلى منازلهم بدونها.
-
البيئة المحيطة: لا شك أن الطفل يستقي خبراته وقيمه ممن حوله، بداية من أبويه وحتى مجتمعه ككل، فلو رأى الطفل أحد أفراد أسرته وهو يختلس شيئًا، أو لاحظ لا مبالاة عائلته عندما علموا أن أحدًا منهم قد سرق، أو سمع زملاءه يثنون على من يسرق، أو حتى شاهد مشهدًا للصٍّ يُعامل معاملة الأبطال، سيساهم ذلك في تشجيعه على السرقة، بل قد يتعرض الطفل أحيانًا لتشجيع مباشر ممن هم أكبر منه كي يسرق لهم شيئًا، وقد يستجيب الطفل بسبب الثناء والتشجيع الذي يلقاه من ذلك الشخص غير الأمين.
-
الغيرة والانتقام: كثيرًا ما نرى أطفالًا يأخذون ممتلكات زملائهم في المدرسة ثم يتلفونها، وبالطبع لا يكون ذلك الفعل برغبة التملك أو السرقة كما نظن، بل لتنفيس الغضب أو الانتقام من الآخرين أو بدافع الغيرة منهم.
التعامل مع السرقة عند الأطفال
-
تعزيز مفهوم الملكية: كما ذكرنا، يختلف استيعاب الطفل لمفهوم الملكية باختلاف عمره وظروفه، لكن أول خطوة عليك فعلها لتعزيزه لديه هو أن تُطبِّق المفهوم عليه أولًا عبر تخصيص ممتلكات وألعاب وملابس له وحده، وألَّا يستخدمها أحد دون إذنه، فتعزز المفهوم لديه بالعمل لا بالقول.
-
غرس سلوك الأمانة: يتطور مفهوم الأمانة عند الطفل كلما كبر، ويعتمد في بادئ الأمر على تطبيق ما يمليه الوالدان عليه من قواعد، ثم يتطور ليبدأ بالحكم بنفسه، وبالطبع لا يقتصر تأثير الأمانة على السرقة وحدها، بل تصبح ركنًا من أركان شخصيته.
-
مراعاة الاحتياجات: ينبغي على الوالدين مراعاة احتياجات أطفالهم المادية والمعنوية، فيخصصان له مصروفًا مناسبًا لعمره واحتياجاته وطبقته الاجتماعية، ويقدمان له كمًّا كافيًا من الطعام دون إفراط أو تفريط، ويوفران له من الحب والرعاية ما يكفيه ويمنعه عن اللجوء لأساليب أخرى يسد بها احتياجاته العاطفية والنفسية.
-
التصرف بحكمة: في بداية المقال، أوردنا رد الفعل الشائع من الآباء تُجاه السرقة عند أطفالهم، وهو رد عنيف مدفوع بعوامل اجتماعية عديدة، لكننا نؤكد أن العنف لا يجدي نفعًا، بل يزيد الأمر سوءًا في أغلب الأحيان. ننصح الآباء عند قيام أطفالهم بأفعال مثل السرقة، بالهدوء والبحث عن دوافع الفعل ثم معالجته، والتحدث مع أطفالهم بروية، وعدم التسرع ووصفهم بصفات سيئة، لما في ذلك من آثار سلبية عليهم، ولا نقصد بذلك التعامل معهم بسلبية أو تجاهل الأمر، بل بحكمة ورجاحة عقل.
-
التحقق أولًا: قد يُتَّهَمُ الطفل بالسرقة من أحد زملائه بدافع الغيرة أو الانتقام وهو بريء لم يتقرف ذنبًا، وإذا تعامل الأهل باندفاع دون تحقق مما حدث سيضر تصرفهم بالطفل بلا شك؛ لذلك فالحديث مع الطفل ومع من يتهمه هو خطوة أساسية يجب اتخاذها.
-
مراقبة مُحيط طفلك: للمحيطين بالطفل أثر بالغ على شخصيته وتصرفاته، سواءً كانوا من أفراد عائلته أو من زملائه في المدرسة أو غيرهم، وعلى الوالدين متابعة من يتعامل معهم الطفل باستمرار، والتأكد أنهم لا يشجعونه على أي أفعال خاطئة.
ماذا إذا اعتاد الطفل السرقة؟
قد يغفل الآباء، بقصد منهم أو بدون، عن سرقة أطفالهم حتى يعتادوها وتصبح جزءًا من سلوكهم، فيفاجأ الآباء عند معرفتهم، وينكر بعضهم ذلك ويدافعون عن أبنائهم دون تفكير، وينفعل البعض الآخر وينزل بأطفاله أشد العقاب.
والحقيقة أن ما ينبغي فعله هو تقصي الأمر وأسبابه، ومعالجة هذه الأسباب، وإذا استعصى الأمر عليهم فلا مانع من استشارة المتخصصين في أقرب فرصة، لوقاية أطفالهم ذلك الداء المشين.
الخاتمة
السرقة فعل مقيت لا يجب لأحد أن يتساهل معه، لكنه عند الأطفال فعل مختلف، تتباين أسبابه ودوافعه من طفل لآخر، ويسهل إبعاد الأطفال عنه إذا تعامل معه الآباء كما ينبغي ودون تأخر أو كسل.
إذا حاز محتوى المقال على إعجابك، يمكنك متابعة حسابات تطبيق جيل على مواقع التواصل الاجتماعي والتواصل معنا عبرها، للمزيد من المعلومات والفوائد التربوية.